شموع ومطر

جَلَسَت على كرسيٍّ مقابل النافذة المخلوعة
واشعلت شمعةً لتضيءظلمة الليل
اخذت تتامل بعينيها وقد انعكس فيهما ضوء القمر
اخذت تتامل ذلك المطر المنهمر بغزارة دموعها
و احسّت بقلبها ينبض بين ضلوعها
واختضنت بصدرها نسمات الهواء القادم من النافذة المخلوعة
ثم اخذت تكتب...تكتب آلام السنين
تكتب عن عقاب بلا ذنب...تكتب عن اعدام بالصلب
تكتب عن جلاد بلا قلب...تكتب عن نهاية الدرب
ظلّت تكتب و تكتب الى ان ذابت الشمعة
امطرت من عينيها دمعه...
اشعلت شمعة و مسحت تلك الدمعة
كان انيسها الوحيد صوت الريح
و نورها الوحيد ضوء الشمعة
غدرتها الريح بصرخة نخرت عظامها
واسكتت الشمعة
فامطرت دمعة...
اشعلت شمعة...
و مسحت تلك الدمعه
و عادت لتكتب...هذه المرة تكتب شكوى للقدر
عن امواج الدهر...عن صرخات الاسر
عن مرارة الامر وحملتها للقمر
الذي غار وراء الغيوم و ذهب الى قرارٍ غير معلوم
و ترك نوره الذي لا يدوم...
خرجت الى الشارع ومشت في طرقات الحياة
و دقت ابواب السماء لتسمع صرخة ولادة يوم جديد
ليس فيه من جديد
بل هو ذكرى عن غدر الايام
المليئة بالعذاب و المكللة بالآلام
المزروعة بالأسى والمتوجّة بالاوهام
فرجعت الى قفص السنين...الى غرفتها
لتنظر من النافذة المخلوعة...
فرأت شمساً ثائرة
تصفع السنتها وجه السماء
ونظرت بعين حائرة
نظرت الى ما وراء السماء
بقيت منتظرة...منتظرةً موعدها مع الليل
و ما لبث دم الغروب القاني ان تدفق الى السماء
ممتزجاً بالغسق البنفسجي
هبط الليل حاملاً معه قطرات مطرٍ
تلوث بذنوب البشر
فجأةً...
سُمِعَ صوتٌ مزّق سكون الليل
لكن سرعان ما اختفى
ليترك صدىً شحيح يؤرّق النجوم
فعادت لتكتب...لتكتب عن بداية النهاية
عن مدفن الرواية...عن انعكاس الاشعة في المرايا
عن قصصٍ حدثت في الزوايا
عادت لتكتب عن الحق التائه بين الحشود
عن الحياة المختنقة بالسلاسل والقيود
عن الوطن المختبىء خلف الحدود
كتبت عن الثلج لما يذوب
والمرج ينجلي
كتبت عن القلوب
عندما تهوى وتنكوي
كتبت عن حب مات قبل ان يولد
عن ظلمٍ دام الى الابد
عن حلمٍ امل تحقيقه بعيد
عن المٍ مع الايام يزيد
عن ظلامٍ عاد من جديد
ليطفىء نور الشمعة...فهطلت من عينيها دمعه
مسحت الدمعة واضاءت آخر شمعة